منتديات جيل الإسلام - الإسلام ديننا والله ربنا ومحمد (ص) رسولنا
منتديات جيل الإسلام - الإسلام ديننا والله ربنا ومحمد (ص) رسولنا
منتديات جيل الإسلام - الإسلام ديننا والله ربنا ومحمد (ص) رسولنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات جيل الإسلام - الإسلام ديننا والله ربنا ومحمد (ص) رسولنا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ...تأملات قرآنية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
waled22
عضو جديد



انا : ذكر
مساهماتي : 9
تاريخ التسجيل : 27/02/2012
البلد البلد : مصر

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ...تأملات قرآنية Empty
مُساهمةموضوع: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ...تأملات قرآنية   وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ...تأملات قرآنية Emptyالثلاثاء فبراير 28, 2012 1:08 am










السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد الله على ما وفقنا إليه من الحق والصلاة والسلام على خير الخلق وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بصدق ... وبعد،

فهذه تأملات لغوية وتفسيرية في معنى قول الله تعالى: ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))

فهذا المقطع جزء من آية في سورة آل عمران وفي سورة الحديد أيضا:
قال تعالى في سورة آل عمران:
((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ
فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)


وقال سبحانه في سورة الحديد
((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ
وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ
غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا
ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ
(20)


ففي آية آل عمران له غرض وفي الحديد لها غرض آخر:
فأما عنها في سورة آل عمران:

قال ابن عاشور صاحب التحرير والتنوير في تفسيره :
هذه الآية مرتبطة بأصل الغرض المسوق له الكلام وهو تسلية المؤمنين على ما أصابهم يوم أحد وتفيد
المنافقين في مزاعمهم أن الناس لو استشاروهم في القتال لأشاروا بما فيه
سلامتهم فلا يهلكوا فبعد أن بين لهم ما يدفع توهمهم أن الانهزام كان خذلانا
من الله وتعجبهم منه كيف يلحق قوما خرجوا لنصر الدين وان سبب للهزيمة
بقوله ( إنما استزلهم الشيطان )


وأما غرضها في آية الحديد
قال ابن عاشور صاحب التحرير والتنوير في تفسيره :
(أعقب
التحريض على الصدقات والإنفاق بالإشارة إلى دحض سبب الشح أنه الحرص على
استبقاء المال لإنفاقه في لذائذ الحياة الدنيا فضرب لهم مثل الحياة الدنيا
بحال محقرة على أنها زائلة تحقيرا لحاصلها وتزهيدا فيها لأن التعلق بها
يعوق عن الفلاح قال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ...

كل ذلك في سياق الحث على الإنفاق الواجب وغيره
وأشير إلى أنها ينبغي أن تتخذ الحياة وسيلة بنعيم الدائم في الآخرة ووقاية
من العذاب الشديد وما عدا ذلك من أحوال الحياة فهو متاع قليل ولذلك أعقب
مثل الحياة الدنيا بالإخبار عن الآخرة بقوله ( وفي الآخرة عذاب ) الخ . اهـ


قلت (أبو أنس):
إذن التكرار في الآيتين له غرض بلاغي لا يتم المعنى الكامل للآيتين إلا
بختمهما بقوله تعالى (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ)


قال ابن عاشور في تفسيره على آية آل عمران:
(...لتنزيل
المؤمنين فيما أصابهم من الحزن على قتلاهم وعلى هزيمتهم منزلة من لا يترقب
من عمله إلا منافع الدنيا وهو النصر والغنيمة مع أن نهاية الأجر في نعيم
الآخرة ولذلك قال ( توفون أجوركم ) أي تكمل لكم وفيه تعريض بأنهم قد حصلت
لهم أجور عظيمة في الدنيا على تأييدهم للدين : منها النصر يوم بدر ومنها كف
أيدي المشركين عنهم في أيام مقامهم إلى أن تمكنوا من الهجرة ...) اهـ


قلت (أبو أنس): فلما كان سياق الآيات تسلية المؤمنين على ما أصابهم يوم أحد
فكانت المفاضلة بين الدنيا والآخرة وأن الفوز الحقيقي والحياة الحقيقية
تكون في الآخرة فكانت خاتمة الآية موافقة للمعنى إذ أن الدنيا لا تساوي
شيئا عند الله.

لذلك كانت الآية التي تليها مباشرة استئنافا لبيان حال المؤمنين في الدنيا قال الله تعالىSad[b][size=21]لَتُبْلَوُنَّ
فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
(186)
) في استئناف لإيقاظ المؤمنين إلى ما يعترض أهل الحق ...



روى البخاري ومسلم
عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال : " هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم نلتمس وجه الله تعالى ، فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل
من أجره ـ يعني في الدنيا ـ شيئاً ، منهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ، قتل
يوم أحد ، وترك نمرة ، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه ، وإذا غطينا
رجليه بدا رأسه ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ،
ونجعل على رجليه شيئاً من الأذخر، ومنا من أينعت له نمرته فهو يهذبها "



والنمرة كساء ملون من الصوف ـ يهذبها : يقطفها .



قلت (أبو أنس):
وهكذا تعلم أصحاب الحبيب – صلى الله عليه وسلم – القرآن حين تخففوا من حب
الدنيا وكراهية الموت ، وصدقوا في طلب الآخرة ، أن يتقدموا في ميادين
الشهادة ، باسمة شفاههم مرفوعة رؤوسهم خفاقة بالشوق إلى لقاء الله قلوبهم
فصاروا قرائين تمشي على الأرض وكانوا رجالا كمل وصفهم الله تعالى.




فإذا علم المؤمن ذلك عاش لله ومات لله عاش مدافعا عن الحق كي يموت على الحق فمن عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه


... اللهم أيقظ قلوبنا.



أقول: وأما الغرض البلاغي في آية الحديد:


فقد قال ابن عاشور في تفسيره:


(...
عطف ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) على ( وفي الآخرة عذاب شديد )
للمقابلة بين الحالين زيادة في الترغيب والتنفير والكلام على تقدير مضاف أي
وما أحوال الدنيا إلا متاع الغرور) اهـ




قلت (أبو أنس): فكان التكرار مناسبا في سياق الحث على الإنفاق الواجب، فلماذا نبخل والمال مال الله ونحن له عبيد وأعمالنا علينا مستحقة...


و
الدنيا مضمحلّةٌ اضمحلالَ الزبد الذي يذهب جُفاءً! وفانيةٌ فناء الهشيم
الذي اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ! فالمسلم يوقن بذهابه منفرداً إلى
مصيره غداً! حين يُفارق الأحباب، ويترك فلذات الأكباد، كما قال عزّ وجل:
(إن كلّ من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم
عدّاً وكلّهم آتيه يومَ القيامة فرداً)



اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا.



وأما عن معنى قوله تعالى (مَتاعُ الْغُرُورِ):


فلعل المقاصد اللغوية لكلمتي ( متاع – الغرور ) تكون من أقرب الأسباب لفهم النص القرآني:


فالمتاع لغة:


قال صاحب الفروق اللغوية :


في الفرق بين المنفعة والمتاع / الفرق بين المنفعة والمتعة قال: قد فرق بينهما: بأن المتعة: منفعة توجب الالتذاذ في الحال.


والمنفعة: قد تكون بألم تؤدي عاقبته إلى نفع.


فكل متعة منفعة، ولا ينعكس.


ويرشد إليه قوله تعالى: " أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه، كمن متعناه متاع الحياة الدنيا "



وقال صاحب لسان العرب في معنى المتاع وما يحمل عليه في بابه:


(وقد
ذكر الله تعالى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ في مواضعَ
من كتابه ومعانيها وإِن اختلفت راجعة إِلى أَصل واحد قال الأَزهري فأَما
المَتاعُ في الأَصل فكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ
والفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا...



...
وقيل المُتْعةُ الزاد القليل وجمعها مُتَعٌ قال الأَزهري وكذلك قوله تعالى
يا قوم إِنما هذه الحياة الدنيا مَتاعٌ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به لا بقاء
له ويقال لا يُمْتِعُني هذا الثوبُ أَي لا يَبْقى لي ومنه يقال أَمْتَعَ
الله بك أَبو عبيدة في قوله فأُمَتِّعُه أي أُؤخره ومنه يقال أَمْتَعَك
الله بطول العمر ... وقال ابن المظفر المَتاعُ من أَمْتِعةِ البيت ما
يَسْتَمْتِعُ به الإِنسان في حَوائِجه وكذلك كل شيء قال والدنيا متاع
الغرور يقول إنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام والمَتاعُ
السَّلْعةُ والمَتاعُ أَيضاً المنفعة وما تَمَتَّعْتَ به)




وقال صاحب النهاية في غريب الأثر:


والمتاع: كلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا قَليلها وكثيرها



وقال ابن فارس في مقاييس اللغة:


(متع)
الميم والتاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعة وامتدادِ مُدّةٍ في خيرٍٍ.
منه استمتعت بالشَّيء. والمُتْعة والمَتَاع: المنفعة ... ويقولون: حبل



ماتِعٌ: جيِّد، ومعناهُ أنَّ المدّة تمتدّ به. ويقولون: مَتَع النَّهارُ: طال...


وذهب
مِن أهل التَّحقيق بعضُهم إلى أنَّ الأصل في الباب التلذُّذ... والمتاع:
الانتفاع بما فيه لذَّةٌ عاجلة. وذهبَ منهم آخرُ إلى أنَّ الأصلَ الامتدادُ
والارتفاع، والمتاع انتفاعٌ ممتدُّ الوقت.




وأما المعنى اللغوي لكلمة (الغرور):


قال صاحب الفروق اللغوية :


(الفرق
بين الغرور والخدع: أن الغرور إيهام يحمل الإنسان على فعل ما يضره مثل أن
يرى السراب فيحسبه ماء فيضيع ماءه فيهلك عطشا ... وكذلك غر إبليس آدم ...



وقال
في الفرق بين الغرور والوهم: قيل: الغرور: إيهام حال السرور فيما الأمر
بخلافه في المعلوم، وليس كل وهم غرورا، لأنه قد يتوهمه مخوفا، فيحذر منه.)




وقال صاحب لسان العرب في معنى الغرور وما يحمل عليه في بابه:


(
غرر ) غرّه يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة الأَخيرة عن اللحياني فهو
مَغرور وغرير خدعه وأَطعمه بالباطل ... قال الزجاج ويجوز الغُرور بضم الغين
وقال في تفسيره الغُرور الأَباطيل ويجوز أَن يكون الغُرور جمع غارٍّ مثل
شاهد وشُهود وقاعد وقُعود والغُرور بالضم ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا
وفي التنزيل العزيز لا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا يقول لا تَغُرَّنَّكم
الدنيا فإِن كان لكم حظ فيها يَنْقُص من دينكم فلا تُؤْثِروا ذلك الحظّ ولا
يغرَّنَّكم بالله الغَرُور والغَرُور الشيطان يَغُرُّ الناس بالوعد الكاذب
والتَّمْنِية وقال الأَصمعي الغُرور الذي يَغُرُّك والغُرور بالضم
الأَباطيل كأَنها جمع غَرٍّ... وقد قال الفراء غَرَرْتُه غُروراً قال وقوله
ولا يَغُرّنّكم بالله الغَرور يريد به زينة الأَشياء في الدنيا والغَرُور
الدنيا صفة غالبة .)




قلت (أبو أنس):


وعلى ذلك يكون المعنى اللغوي لقوله تعالى (مَتاعُ الْغُرُورِ):


فكل
منفعة توجب الالتذاذ في الحال وكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به
ويُتَزَوَّدُ فالفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا فما هو إلا بُلْغةٌ
يُتَبلَّغُ به و لا بقاء له فإنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء
أَيام، فكلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا قَليلها وكثيرها يوشك أن يزول
عن صاحبه فما الدنيا و الانتفاع بما فيها إلا لذَّةٌ عاجلة وإن امتدت بعض
الوقت،



ومع
ذلك فهي لذة و متعة زائفة لا حقيقة لها إذ أن متاعها غرور ومتوهم يحمل
الإنسان على فعل ما يضره مثل أن يرى السراب فيحسبه ماء فيضيع ماءه فيهلك
عطشا، وكيف لا وما الدنيا إلا غُرور بالأَباطيل التي يَغُرُّ الشيطان و هو
الغَرُور الناسَ بوعد كاذب وأمنيات مهلكة فالدنيا متاعها غُرور مزين ولا
ييحتاج إلى زينة إلا كل قبيح. والله أعلم




وكلا أهل التفسير قريب من ذلك:


فقد قال الإمام الطبري في تفسيره قوله تعالى : ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))


يقول:
وما لذات الدنيا وشهواتها وما فيها من زينتها وزخارفها، إلا متاع الغرور،
يقول: إلا متعة يمتعكموها الغرور والخداع المضمحل الذي لا حقيقة له عند
الامتحان، ولا صحة له عند الاختيار، فأنتم تلتذون بما متعكم الغرور من
دنياكم، ثم هو عائد عليكم بالفجائع والمصائب والمكاره، يقول تعالى ذكره:
ولا تركنوا إلى الدنيا فتسكنوا إليها، فإنما أنتم منها في غرور تمتعون، ثم
أنتم عنها بعد قليل راحلون. ثم قال: والغرور مصدر من قول القائل: غرني فلان
فهو يغرني غروراً بضم الغين، وأما إذا فتحت الغين من الغرور، فهو صفة
للشيطان الغرور، الذي يغر ابن آدم حتى يدخله من معصية الله فيما يستوجب به
عقوبته
.




وقال الإمام القرطبي في تفسيره ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))


وما
الحياة الدنيا إلا متاع الغرور: أي تغر المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي
فانية، والمتاع ما يتمتع به وينتفع، كالفأس والقدر والقصعة ثم يزول ولا
يبقى ملكه، قاله أكثر المفسرين، قال الحسن: كخضرة النبات، ولعب البنات لا
حاصل له، وقال قتادة: هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها، فينبغي للإنسان
أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع، ولقد أحسن من قال
:





وقال ابن كثير في تفسيره((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))


وقوله
تعالى: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور: تصغير لشأن الدنيا، وتحقير
لأمرها، وأنها دنيئة فانية، قليلة زائلة، كما قال تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى. وقال تعالى: وَمَا
أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا
عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ. وفي الحديث: والله
ما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع
إليه. وقال قتادة في قوله تعالى: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، قال:
هي متاع، هي متاع متروكة أوشكت -والله الذي لا إله إلا هو- أن تضمحل عن
أهلها، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله
.




قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى
في تفسير آية الحديد: يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه ويبين
غايتها وغاية أهلها بأنها لعب ولهو تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب،
وهذا مصداق ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات
عمرهم بلهو قلوبهم وغفلتهم عن ذكر ربهم وعما أمامهم من الوعد والوعيد،
تراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة فإن
قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبته وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي
تقربهم إلى الله من النفع القاصر والمتعدي . اهـ.




وقفة وعظة:


وهكذا حال من غرتهم الدنيا بمتاع الغرور


إنه الباطل يتمتع به الإنسان قليلا ثم يفنى


فـ { لَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ } " (ولا يغرنكم بالله) في حلمه وإمهاله (الغرور) الشيطان "


فـ { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }(الانفطار:6) " ( ما غرك بربك الكريم ) حتى عصيته "


فيا
عباد الله {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ
وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ
يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ
عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } (الحديد:20)




ويا أيها الناس اعتبروا بغيركم قبل أن يعتبر بكم غيركم وتأملوا ماذا يفعل متاع الغرور بالإنسان المتجرد عن الإيمان:



قال فرعون: { ... يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }(الزخرف:51)


فلما
اغتر بدنياه وملكه الزائل قال مستهزئا برسول الله: { أَمْ أَنَا خَيْرٌ
مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ }(الزخرف:52)



وكانت النتيجة الحتمية فقال مدعيا الألوهية: { ... يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي}


ثم
شكك في وجود الله قال: { ... فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ
فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي
لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ }(القصص:38)




ومن عينته:


قوم شعيب فقالوا لنبيهم : {
... مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا
ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا
بِعَزِيزٍ }(هود:91).




و قالت امرأة العزيز أيام كانت ضالة:


{
قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن
نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ
وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ }( يوسف:32)




قال الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو المقصود بقوله تعالى:


{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً }


{ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً }


{ وَبَنِينَ شُهُوداً }


{ وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً }(المدثر)


قال المغيرة بعد كل ذلك :


{ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ }


أي: ما هذا كلام الله، بل كلام البشر، وليس أيضا كلام البشر الأخيار، بل كلام الفجار منهم والأشرار، من كل كاذب سحار.


فتبا له، ما أبعده من الصواب، وأحراه بالخسارة والتباب!! [ وانظر تفسير السعدي]



قال صاحب الجنة:


{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً }(الكهف:34)


{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً }(الكهف:35)


{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً }(الكهف:36)



وقارون ومن هو قارون :


{
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ
مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي
الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }(القصص76)



وأقام الله عليه الحجة فقال:{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }(غافر:23)


{ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }(غافر:24)




فـ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا }


" (يا أيها الناس إن وعد الله) بالبعث وغيره (حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا) عن الإيمان بذلك "


ولا
تكونوا من { الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً
وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ
لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }
(الأعراف:51)



فإياك أخي أن تغتر بالدنيا حتى لا تكون فيمن { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً }(طه125)


فيأتيك الرد كالصاعقة {... كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } (طه126)



وأخيرا:


قال صاحب صيد الخاطر:


فصل متاع الغرور


من تفكر في عواقب الدنيا، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر.


ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه " وتخشى الناس واللّه أحق أن تخشاه " .


تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن.


أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك، عما قد خبئ لك.


تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلاً عن قرب الألم.


لقد أراك مصرع غيرك مصرعك، وأبدى مضجع سواك - قبل الممات - مضجعك.


وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:


كأنّك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر !


فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ... محاها مجال الرّيح بعدك والقبر !


كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل !.


وكم شاهدت والي قصر، وليه عدوه لما عزل !.


فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم ولا يدري...


وكيف تنام العين وهي قريرة ؟ ... ولم تدر من أيّ المحلين تنزل ؟ اهـ



تنبيه:


قد جاء في بعض الآثار وعلى ألسنة بعض الدعاة والوعاظ الذين لا يهتمون كثيرا بالتحقيق العلمي الصحيح أن المقصود بقوله تعالى: (مَتَاعُ الْغُرُورِ)
هو الخرقة التي تضعها المرأة حال حيضها لتمنع الدم وهذا ما لم أقف عليه في
قول معتبر صحيح في كتاب ولا سنة ولا تفسير صحيح وإن كنت وقفت على بعض
الآثار اللغوية التي لم أقف على أصلها في الكتب المعتمدة لأهل العلم
الثقات، وأخشى أن يكون هذا من قبيل القول في القرآن بالرأي وهذا امر لا
يجوز مع كتاب الله.



والله اعلم
منقووول
[/size]
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ...تأملات قرآنية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جيل الإسلام - الإسلام ديننا والله ربنا ومحمد (ص) رسولنا :: القسم الاسلامي العام :: القسم الاسلامى العام-
انتقل الى: