تأخر أبو العاص في دخول الإسلام
لما رجع أبو العاص من إحدى رحلاته إلى الشام، وجد أخبار الدين الجديد تملأ جنبات مكة، فأسرع إلى بيته، فبادرتْه زينب قائلة: الإسلام يا أبا العاص. لكنه خاف أن يقول عنه القوم: فارق دين آبائه إرضاءًا لزوجه، على الرغم أنه يحب النبي ويحب زوجه إلا أنه كره أن يخذل قومه، وظل متمسكا بوثنيته، لكن الأمل ظل حيَّا في نفس زينب عسى الله أن يهدى زوجها.
ملحمة الصراع بين المسلمين والكفار
وفى ذلك الحين بدأت ملحمة الصراع بين المسلمين وكفار قريش، وهاجر النبي وأصحابه إلى المدينة، وهاجرت معه رقية وفاطمة وأم كلثوم، وبقيتْ زينب في مكة مع زوجها الذي ظل متمسكًا بوثنيته، وأمر النبي أبا العاص أن يترك زينب، وأن يرسلها إليه في المدينة، ففعل رغم حبه الشديد لها.
أرسل أبو العاص أخاه كنانة؛ ليقود بعير زينب وهي في طريقها إلى المدينة. لكن قريشًا تصدَّت لهما فأصاب هبار الأسدى البعير برماحه، فوقعت زينب على صخرة جعلتها تنزف دمًا وأسقطت جنينها.
ورأى كنانة ألم زينب فحملها إلى بيت أخيه. وظلت هناك بجانب زوجها الذي لا يكاد يفارقها لحظة. ثم خرج بها كنانة مرة أخرى، حتى سلمها إلى زيد بن حارثة، الذي صحبها حتى أتت بيت أبيها بالمدينة. ثم تطورت الأحداث فخرج المسلمون لاسترداد حقهم في غزوة بدر الكبرى.
أسر أبي العاص زوج زينب
بانتصار المسلمين وقع أبو العاص أسيرًا عندهم، فأرسلت زينب أخى زوجها عمرو بن الربيع وأعطته قلادة زفافها، فلما وصل عمرو ومعه تلك القلادة، ورآها الصحابة رق قلبهم، وساد الصمت الحزين برهة، فقطعه النبي والدموع نازلة من عينيه، وقال لهم: (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا). قالوا: نعم يارسول اللّه. فردّوا عليها الذي لها ولقبت (صاحبة القلادة).
هاجم المسلمون قافلة أبي العاص العائدة من الشام، فوقع مرة أخرى في الأسر، فدخلت زينب إلى أبيها، ترجوه أن يجير أبا العاص، فخرج النبي على المسلمين قائلا: (أيها الناس هل سمعتم ما سمعتُ؟" قالوا: نعم. قال: "فوالذى نفسى بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت الذي سمعتم، المؤمنون يد على من سواهم، يجير عليُّهم أدناهم، وقد أجرنا من أجارت").
إسلام أبي العاص زوج زينب
وأمر رسول اللّه زينب أن لا يقربها زوجها أبو العاص، لأنها لا تحل له مادام مشركًا. ورحل أبو العاص بتجارته عائدًا إلى مكة وأعاد لكل ذى حق حقه، ثم أعلن إسلامه على الملأ ثم هاجر في سبيل اللّه إلى المدينة سنة سبعة للهجرة. فاجتمعت زينب بزوجها مرة أخرى.
وفاة زينب بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم
أثناء هجرة زينب إلى المدينة المنورة تأثرت بنزف وسرعان ما نزلت المصيبة، وكانت وفاتها في السنة الثامنة للهجرة وحزن عليها زوجها أبو العاص حزنا شديدا. وبكى عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ودعوها إلى بارئها رضي الله عنها وأرضاها.